أكسير الشباب، تأخير الشيخوخة، علاج التجاعيد.. حاربي ذاك و تعالجي بهذا، شعارات نسمعها كل يوم تتردد على التلفاز و اللافتات الإعلانية بكثرة موجهة إلى النساء اللواتي تخطين "سن الشباب" -حسب المفهوم الإعلاني طبعا - مع صورة فتاة خارقة الجمال عيونها مشرقة و بشرتها بلا اخطاء و أسنانها مرتبة وبيضاء مثل اللؤلؤ أما شعرها فهو أشبه بالشعر المستعار طويل و لونه برّاق لامع وكأنها لم تعرّضه يوماً لحرارة السيشوار التي لا بد منها لكي سيدة!
قامت Dove قبل بضع سنوات ببدأ حملة الجمال الطبيعي، و تناولت وسائل الاعلام هذه الحملة الدعائية والتي تظهر تغيّر أناس عادين المظهر تماما و كيف أصبحو على غلاف المجلات جميلين جداً بإستعمال برنامج "الفوتوشوب". وقد أثارت هذه الحملة جدلا واسعا في بيانها لحقيقة الاعلانات التي تطرح صورة خيالية للجمال و تؤكد على وهم يلاحقه جميع النساء وهو المظهر المثالي. قصد الحملة كان في اظهار أن هناك قدر كبير من التكنولوجيا للتلاعب بالصور و ان الصور التي نراها كل يوم لا تعبر عن الحقيقة، ولا يجب على المرأة أن تلتفت إليها لتقتدي بها لأن هذا مستحيل فهي "ليست حقيقية". تخيلي كل هذه التكنولوجيا تطبق على صورة إمرأة جميلة جداً بالأساس و ليست جميلة فحسب بل عمرها لا يتجاوز الثامنة عشر! هل تستطيعين منافسة ذلك؟ بالطبع لا .. و من يستطيع؟
مثلا هؤلاء هم من اشهر عارضات الأزياء حاليا في العالم وهم على خطى Kate Moss و Gisele Bundchen
 |
Monika Jac Jagaciak
|
مونيكا من الوجوه التي عملت مع العديد من الماركات المعروفة من بينها Chanel beauty و Valentino وHermes
 |
Lindsey Wixson |
ليندسي وينكسون من أميركا عملت مع Miu Miuو John Gallaino و غيره
ولكن كم أعمار هذه العارضات؟
15 سنة
نعم إنه لشيء مروع أن نعرف حقيقة عمرهن لأنهم بالنهاية أطفال ولا يمكن للمرأة أن تقارن نفسها بطفلة صغيرة و هذا جوهر الوهم الذي تطارده النساء و يستطادنا به المسوقون لجهلنا بحقيقة الصور التي نراها.
لكن لا يمكن أن نقول أننا نستطيع مقاومة الاغراء الفاتن الذي يجذبنا لنبدو هكذا، و قد نذهب احياناً إلى المبالغة و الخضوع لعمليات تجميلية تعيدنا للوراء سنوات عديدة كي نبدو كهؤلاء الفتيات، و لكن هذا ايضا مستحيل. فنحن لم نبدو هكذا حتى حينما كنا خمسة عشر عاماً ولا حتى هن، فهذه ليندسي مثلا بصورة طبيعية:
جميلة أليست كذلك؟ لكنها طبيعية وتبدو طفولية جداَ وقد تشبه إلى حد كبير صورنا في طفولتنا. ولكن هذه الصورة لن تؤهلها لبيع عطر معين أو حقيبة ما، لأنها ليست مثالية بما فيه الكفاية...
فحتى العارضات يحتجن إلى اطنان من المكياج و الإضاءة و الفوتوشوب لتبدو صورتهن خلابة و هذا بالاضافة إلى الرسالة التسويقية و الإعلان المنمق الذي يصل الينا في النهاية بوهم أنه صورة طبيعية لهذه العارضة التي يمكن أن نصبح مثلها إذا فعلنا ما تفعل هي.
اشعر بالأسى حين أرى أناساً يطاردون وهم الشباب المثالي بعمليات التجميل و تغيير الأنف و الفم و غيره، فلو ننظر مرة أخرى إلى صورة ليندسي مثلاً فترى بأن أسنانها ليسو مثاليين لكنهم جميلين جداً وقد اصبح فمها signature لها، و ها هي الاعلانات مرة أخرى تغير معنى الجمال بالطريقة التي تريد.. و تتحكم في طريقة تفكيرنا ورؤيتنا للمثالية..
انا لا أنكر أبدأ بأننا النساء مهووسون بالجمال و التجميل ، و نحب أن نوهم الرجل بأننا نفعل كل ذلك لأجله لكننا في حقيقة الأمر نفعله لأجلنا! لأننا نحب المكياج، ...لا أدري ما هي الأسباب لكن الجمال يجذبنا بشكل غير طبيعي! ولكن برغم ذلك لا يجب علينا أن نلهث وراء الأوهام في الإعلانات، وعلينا ان نقف مع كل اعلان و نفكر في الحقائق وراءه وكم أخذ من الوقت ليبدو هكذا؟ و هل ما يبيعوني إياه حقيقي؟ أم يبيعونني وهم آخر لأضعه على الرف؟